فصل: أصول الصهيونية في الدين اليهودي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنظمات اليهودية ودورها في إيذاء عيسى عليه السلام (نسخة منقحة)



.أصول الصهيونية في الدين اليهودي:

في المنفي، في بابل- بعد سنة 586ق. م. تحول الدين العبري إلى الدين اليهودي ففي الدين العبري كان الإله إله شعبه المختار قط يدفعه ويؤازره ويحركه ويعمل له من أجل استيطانه فلسطين والمحافظة على جنسيته وعنصره، لكنه لم يكن يتدخل في كثير أو قليل في حياة الشعوب الأخرى بعد أن تم الاستيطان الأول وقيام مملكة داود.
أما بعد المنفى فقد أصبح الإله يتدخل لا لحماية شعبه فحسب، بل لإذلال وإخضاع شعوب العالم لشعبه المختار، ولاستمرار استعبادهم له، على ممر العصور، وذلك بعد أن كان أولا إله شـعـبه، وقلما كان إله الآخرين، أصبح بعد المنفي إله الآخرين، إله البشر أجمع، لا لحبه لهم ولرعايته أو هديه لهم، بل لإخضاعهم لسلطة شعبه وتسهيل استعبادهم واستعمارهم من قبل شعبه الحبيب.
وهذا هو حصيلة حركة الإله من القومية إلى العالمية.!!
وغيّر المنفي أيضا مفهوم التعبد من إقامة الطقوس القربانية إلى دراسة نصوص الوحي، أي التوراة والتدين بتلاوتها المستمرة، وإقامة القانون الذي جاءت به، وحطم المنفي انقسام الأمة اليهودية القديم إلى طبقات ثلاث: الكهنة واللاويين والعامة، لا تجوز الحركة بينها إلا نزولا من العليا إلى السفلى عند نقض الفرد لمقتضيات طبقته، إذ جعل من الأمة كلها طبقة واحدة، كلها في القداسة سواء، وإن قام فيها كهنة وقفوا حياتهم على دراسة التوراة وحفظها.
إلا أن أهم ما أحدثه المنفي من تغيير في الدين العبري، هو إدخاله فكرة المسيح المنتظر، أو المتوج ملكا على إسرائيل، بمسحه بالزيت المقدس، وهي فكرة انتظار من يقوم بقيادة اليهود من منفاهم إلى دولتهم (يهودا) بعمل معجز، فيعيد لهم مملكتهم الداوودية ويحقق لهم استعبادهم واستعمارهم للبشر وسيادتهم على الدنيا كلها.
وقد رأى المنفيون في شخص كورش الفارسي مسيحا أرسله الإله لينقذ شعبه المهزوم ويحقق له أحلامه الانتقامية والاستعمارية.
وقامت لليهود إثر عودتهم مملكة كانت على جانب كبير من الضعف في عالم الإمبراطوريات الدولية، وهزمت هذه المملكة على يد الإغريق، ثم على يد الرومان، ولكن في كل حين لا سيما عندما كانت تجري الحوادث على عكس ما يشتهون- يتطلع اليهود إلى المسيح المنتظر ويرون فيه بلسما لجراحهم، فبعد أن شتتهم الرومان سنة 70 للميلاد في أنحاء الإمبراطورية الرومانية، تصاعدت أصوات اليهود إلى السماء من جديد بأن يرسل الإله لهم مسيحا يخلصهم ويعيد لهم مجدهم التليد. بل وأصبح هذا الدعاء والتطلع النفساني الذي ينطوي عليه عنصرا مكونا للدين اليهودي.
ففي أقدس أوقات السنة في يوم التكفير أو (يوم كيبور) يقول المصلون في آخر ما يتوجهون به من دعاء (السنة القادمة في أورشليم) وبهذا التحم الدين اليهودي بالقومية التحاما أصبح يتعذر بعده فصل السياسة عن الدين. بل دخلت السياسة في الدين بشكل أصبحت هي فحواه، وعليه أصبح الدين قومية دينية.
هذا... وتقوم الصهيونية على أسس من الأفكار الخاطئة والمعتقدات الزائفة، في قوالب نمطية، وإدراكات متسرعة، تتمثل- لدى الشخصية الصهيونية- في:
أ)- تصنيف البشر إلى فئتين: (ساميين وغير ساميين) ويقوم الصهاينة بهذا التصنيف استنادا إلى مجموعة من القوالب النمطية التي استمدوها من فكرهم عبر تاريخهم الطويل، وعملية التصنيف هذه تعد من الملامح الأساسية للتعصب الصهيوني حيث تتم التفرقة بين الناس على أساس بعض السمات أو الخصال التي غالبا ما لا تكون صحيحة.
فاليهود الساميون يتسمون بمجموعة من الخصال أو الصفات التي تميزهم عن سائر البشر الآخرين، وهي غالبا ما تكون خصالا إيجابية، بينما يتسم غير الساميين بالعديد من السمات السلبية الكريهة التي تصل إلى مستوى الشتائم التي تجعل اليهود في مستوى يعلو فوق مستوى البشر، فيرفعون- أي اليهود- أنفسهم إلى مستوى التقديس والعبادة، ويتخذون موقفا عدائيا من جميع الشعوب التي يدعون أنها دون الشعب اليهودي من النواحي الخلقية والعقلية والفكرية، لذلك يمثل غير الساميين أعداء حقيقيين لليهود، وينبغي مواجهتهم بحسم وقوة من أجل حياة أفضل لليهود.
ب)- الاعتقادات الخاطئة بفكرة (النقاء العنصري اليهودي) ويقصد به: أن الأفراد في جماعة معينة يختلفون عن غيرهم من أفراد الجماعات الأخرى ككل، من حيث نقائهم وراثيا، بمعنى أنهم كجماعة لم يتعرضوا لما تعرض له غيرهم من تداخل بين السلالات المختلفة، وهذا هو لب مضمون التعصب العنصري للصهيونية، لذلك تدعى نقاءها من حيث القدرات العقلية والخصائص النفسية وسائر الإمكانات البشرية الهائلة التي يتميزون بها عن غيرهم من أبناء الأمم والشعوب الأخرى، مع الإيمان العميق بحقارة أمم العالم، ويتضح ذلك من خلال استخدامهم العديد من الألفاظ الكريهة والسلبية في وصفهم شعوب العالم سواء في ذلك الشعوب الإسلامية أو الشعوب المسيحية، وارتباط كل شعب منها بمجموعة من الصفات السيئة وأكبر دليل على ذلك أن تقرأ التلمود أو البروتوكولات فهم يقولون: من ليس يهوديا ليس إنسانا ويمكن تسميته صرصورا، أو حيوانا يسير على قدميه، ويمكن تسميته غريبا أو عدوا.
[الاتجاهات التعصبية، صـ 240- 241، بتصرف].
فاليهود شعب مميز عن بقية الشعوب منفصل عن الجنس البشري، لا يخضع للقيم الأخلاقية التي تخضع لها سائر الشعوب، ولذلك فإنه قادر على ارتكاب الجرائم باسم القيم والأخلاق والأهداف التي يقررها هو حسب هواه.
وفي مقابل هذا التفرق العنصري والعرفي الحضاري لليهود، طرح الصهاينة فكرة التخلف العربي، العرقي والحضاري أيضا. (فهرتزل) حينما تحدث عن تفوق الحضارة الغربية متمثلة في المستعمر الصهيوني، فإنه تحدث أيضا عن فلسطين، باعتبارها (هذا الركن الموبوء البالي من الشرق) وقد عبر عن رغبته في أن تكون الدولة الصهيونية بمثابة الحائط المنيع الذي يقف ضد (الهمجية الشرقية) التي يمثلها بطبيعة الحال- العرب عامة والفلسطينيون خاصة.
ولذا فعلاقة اليهود بالأغيار (أو غير الساميين) لا تتسم بالمودة أو التعاون، إذ إن الأغيار (ذئاب) وقتلة يتربصون دائما باليهود ويحاولون الفتك بهم، والعرب هم كلهم من الأغيار.
[العربي الفلسطيني في الفكر الصهيوني، عبد الوهاب المسير، كتاب العربي، 19 صـ 141- 149، بتصرف].
هذا.. ومن يسلم بنقاء شعبه يسلم كذلك بدونية أو انحطاط الشعوب الأخرى التي يعتقد أنها تعاديه، والواقع أن فكرة (النقاء العنصري) لم تعد تصمد أمام الدراسات البيولوجية (العضوية) والسيكولوجية (النفسية) الحديثة، فمن الصعب- إن لم يكن من المستحيل- الوقوف على شعب أو أمة واحدة لا توجد فروق بين أبنائها في أي خاصية من الخصائص الجسمية أو النفسية بالشكل الذي يزعمه الفكر الصهيوني.
فاليهود ينتمون إلى طائفة دينية واجتماعية اندمج فيها في كل العصور أشخاص من أجناس متباينة، وكان أولئك المتهودون يدخلون فيها من جميع الآفاق المسكونة بالبشر، من اليهود الأحباش (الفلاشة) إلى يهود (الأشكناز) من الجنس الجرماني إلى (التاميل) اليهود الأفارقة الزنوج إلى اليهود الهنود الذين يسمون بنو إسرائيل، واليهود الخزر الذين ينتمون إلى الجنس التركي، فهل هناك من هذه الأنواع الإسرائيلية نوع يعتبر من ناحية التشريع والتحليل ممثلا حقيقيا ونقيا للجنس اليهودي؟ [الشخصية الإسرائيلية، د/ حسن ظاظا، صـ 35- 36، بتصرف].
الإجابة إنه من المستحيل ذلك في ظل الأدلة العلمية، وهذا هو مضمون الاعتقاد الصهيوني الخاطئ الذي يمثل محورا هاما للتعصب العنصري، فرغم وجود أدلة موضوعية على خطأ الفكرة يتمسك بها صاحبها لدرجة أنه لا يستطيع أن يتقبل سواها.
[الاتجاهات التعصبية، صـ 241- 243، بتصرف].
ج)- الاعتقادات الخاطئة الخاصة بأنهم (شعب الله المختار) وهذه هي الشريعة التي يقوم على أساسها التعصب الديني للصهيونية، فهم يستندون إلى نصوص من التوراة تؤكد غرورهم ووهمهم في هذا الجانب، فظهرت في تعبيراتهم اللغوية ألفاظ يطلقونها على أنفسهم لتؤكد هذا الغرور، وتزيد من الالتحام والتضامن اللذين يربطان بعضهم ببعض، وجعلوا هذه الظاهرة مرتبطة باختيار إلهي لهم دون سائر الشعوب في الأرض وبإرادة سماوية لا قبل للبشر بمقاومتها، فمن هذه الألفاظ ادعاؤهم أنهم أبناء الله وحلفاء الله وأحباب الله.!!!
ويفسرون هذا الاختيار الإلهي بأنه تفضيل للأقوى والأصلح، ويردونه إلى ليلة المصارعة العجيبة التي أدى فيها جدهم يعقوب- إسرائيل- امتحان القوة والصبر على المكاره بنجاح باهر.
وبهم يعاقب الله الأمم الأخرى، وهم يبقون وحدهم في آخر الزمان متسلطين على رقاب العالم، وهم- باختصار- الذي يلعبون دور البطولة على هذا المسرح الهائل- مسرح التاريخ- والأمم الأخرى ليست إلا أشخاصا ثانوية خلقهم الله لتكملة مشاهد هذه المسرحية الطويلة وحوادثها، على نحو تظل فيه البطولة لإسرائيل.
[الشخصية الإسرائيلية، د/ حسن ظاظا، صـ 36- 37، بتصرف].
كل من المعاني السابقة تمثل أفكارا أو اعتقادات خاطئة، وقوالب نمطية نسجها اليهود من وحي الخيال، محاولين الاستناد إلى بعض معاني التوراة مما يمثل موضوع شك واختلاق لا يقبله العقل أو الدين، والمثال على ذلك يصل إلى حد أنهم في تعبيراتهم الشعرية يروون: أن الرب قد اتخذ أمتهم عشيقة له، بل إنه تزوجها زواجا أبديا، حتى إنها إذا خانته ودنست شرف العلاقة القائمة بينها وبينه لم يطلقها كما يفعل أحقر مخلوق من البشر، ولكنه يكتفي بأن يغضب ثم يرضى، وأن يعاقب ثم يصفح، فهي الأم الحبيبة المعشوقة المدللة، التي تعلم مقدما أن الرب لن يجرؤ يوما ما على قتلها مهما أجرمت.
[الاتجاهات التعصبية، صـ 243- 244، بتصرف].
وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا سبحانه وقد أخبر في القرآن الكريم ردا على زعمهم:
{وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} [سورة المائدة: 8] وقوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا} [سورة النساء: 123] وقوله تعالى: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [سورة البقرة: 111، 112].
د)- الاعتقادات الخاطئة بحتمية الصراع وفناء العالم أمام إسرائيل:
بناء على مجموعة المشاعر القومية الموجودة لدى الصهيونيين، والخاصة بإحساسهم بالاضطهاد من قبل كل العالم- والعالم العربي خاصة- فإنهم يعيشون في ترقب وحذر يجعلان من الضروري دخولهم في صراع شامل مع أعداء السامية في كل النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والعسكرية... إلخ.
وهو ما يحدث الآن بالفعل، وهذا الصراع حتما لابد من أن ينتهي بفناء من يقف أمام الصهيونية في زعمهم، بل يمكن أن يؤدي إلى فناء العالم لو ساعدت الظروف على ذلك، فإسرائيل هي التي ينبغي أن تستمر، وما عداها لا بد أن ينتهي، وهذه الاعتقادات مظهر هام لتعصبهم العنصري ترتبط بغرورهم وشعورهم بالتميز والقوة أكثر من العالم بشكل يصل إلى حد الضلالات، لأن الشعور بالتميز يرتبط إلى حد كبير بالشعور بالعظمة والتعالي والكبرياء.
[الاتجاهات التعصبية، 245].
والحق يقال: إن العكس من هذا سيحدث بإذن الله، مع تحقيق وعد الآخرة، وزوال دولة اليهود، وفناء اليهود أيضا على يد عباد الله.
هذا... والصلة بين الماسونية والصهيونية وطيدة، والعلاقة بينهما حميمة، فقد تسللت الصهيونية إلى الماسونية بجميع محافلها التي تدار عن طريق التسلسل من قيادة يهودية لا يدخلها غير اليهود.
[حكومة العالم الخفية، نقلا عن المخططات التلمودية، صـ222، بتصرف].
وتحاول الصهيونية الادعاء بأن اليهودية أول دين محترم أنزله الله على هذه الأرض، وأن ما عداه أديان باطلة، وأن هذه الأديان أوجدت الفرقة بين الشعوب، وإنهم بمجهوداتهم سيحطمون الأديان ويعيدون الناس إلى دينهم هم.
[المخططات التلمودية، صـ 222].